top of page
صورة الكاتبAdmin

الهاشمية - د. صالح العطوان الحيالي


الهاشمية - د. صالح العطوان الحيالي

-------------------------------

الهاشمية " العراق "اول عاصمة اتخذنها الخلافة العباسية مدينة الهاشمية هي مدينة عراقية ومركز قضاء تتبع إداريا إلى محافظة بابل في منطقة الفرات الأوسط على نهر الفرات على بُعد 130 كم جنوب بغداد،ويبلغ عدد سكانها نحو 60 الف نسمة . يعمل سكانها بالدرجة الأساس بالوظائف الحكومية كونها مركز قضاء يتبعه إداريا نواحي مثل المدحتية و الطليعة، وتعتبر المنطقة بصورة عامة ذات طبيعة جميلة وأراض زراعية وبساتين، وتأخذ مدينة الهاشمية طابعاً عشائريا بصورة عامة يسكنها خليط من أبناء عشائر متنوعة. المستوى الثقافي تحتوي الهاشمية على كم من المثقفين والفنانين والكتاب والشعراء منهم النحات العراقي المعروف عامر خليل الذي عرف بأمتيازه في المعارض الكبيرة التي شارك بها على المستوى الوطني والدولي وفيها كم من الشعراء الذين تميزو على مستوى المحافظة وعلى مستوى العراق ومنهم الشاعر بهاء البابلي والشاعر حيدر الشريفي. التاريخ العربي والاسلامي غاية في الخصوبة والوعي بالمشكلات الكبرى، وفيه صراعات وظواهر مختلفة، والسفر عبره لم يكن ميسرا، وكيفية اظهار قيمة الحقائق التاريخية مقرونة بالجغرافية، ورصدها ليس هينا، وإلى اي مدى يستطيع المؤلف أن يضبط أحكامه النقدية، بمعنى آخر إلى أي حد ستكون أحكام المؤلف موضوعية غير متأثرة بمصدر معين دون غيره؛ وإذ يدرك الكاتب إن العلاقة بينهما (التاريخ والجغرافية) مركبة، وقد تكون غير واضحة أو مؤكدة عبر المصادر، وهذا تطلب من المؤلف أن يغني موضوعه بالكثير من المراجع، وبكل تأكيد إن الصعوبة التي تعترض أي باحث في هذا السفر هي أي المصادر أكثر دقة، وحقيقة الأمر إن كل عمل تاريخي يقوم على معطيات واعتبارات عدة، منها، الزمان، والمكان، والحدث بعد ظهور العباسيين وتأسيس الخلافة العباسية، دشن الخليفة العباسي الأول أبو العباس بيعته في الكوفة في دار الوليد بن سعد الأزدي وألقى خطبة العهد المشهورة في مسجد الكوفة . ثم خرج بعدها ونزل حمام أعين، حيث أقام هناك معسكره لأشهر عديدة . وقد ارتحل بعيد ذلك، فنزل مدينة الهاشمية في قصر الكوفة . ولهذا يرى المؤرخون أن مدينة الكوفة القريبة من معسكر حمام أعين، أول مركز اتخذه الخليفة العباسي الأول، حيث ظهر اسمه فيها، ثم بلغ بقية المدن وسائر الأقاليم . وقد نزل أبو العباس بعد ذلك مدينة ابن هبيرة تثبيتاً لظهور الدولة العباسية . ثم تحول منها، فبنى المدينة الهاشمية . ونحن لا ننسى أيضاً أن الخليفة العباسي الثاني، عندما بويع بالخلافة، بنى بظهر الكوفة مدينة سماها الرصافة . وقد نزلها مرات عدة، قبل أن يتحول عنها لبناء بغداد مدينة السلام . وورد في الروايات التاريخية أن مدينة الهاشمية، ظلت تسمى قصر ابن هبيرة لفترة طويلة . (وكان يقع بالقرب من جسر سور)، وأن أمير المؤمنين أبا العباس، نزل هذا المكان، واستتم الدور فيه، وأحدث البنيان اللازم لدار الخلافة . وبعد أن استتم له ذلك، سمى المدينة الجديدة بالمدينة الهاشمية ولكنه لم يمكث فيها وقتاً طويلاً . واستمر الناس في نسبة القصر إلى ابن هبيرة، ما جعل الخليفة العباسي يقول: ما أرى ذكر ابن هبيرة (وهو الأمير الأموي الذي هزمه أبو العباس) يسقط عنها، فرفضها، وبنى بالقرب منها المدينة الهاشمية، كما يذكر البلاذري في (فتوح البلدان: 1/285) . وقد ورد ذكر هذه المدينة في كتب التاريخ، بهاشمية الكوفة أيضاً . * خلافات المؤرخين ويشير اليعقوبي إلى أن أمير المؤمنين أبا العباس، عندما انتقل إلى الأنبار بنى على شاطئ الفرات مدينة الهاشمية . وذكر ابن شاكر الكتبي في فوات الوفيات، أنه بنيت لأبي العباس مدينة الهاشمية إلى جانب الأنبار والواقع أن مدينة الهاشمية، حصل حولها خلاف كثير بين المؤرخين، فهناك من نسب بناءها إلى الخليفة أبي جعفر المنصور . إذ يذكر اليعقوبي بأنه لما استخلف المنصور بعد وفاة أخيه أبي العباس، بنى مدينة الهاشمية . أما البلاذري فلم يذكر في كتابه فتوح البلدان، أن الخليفة المنصور هو الذي بنى الهاشمية، وإنما يقول إنه (أي المنصور) نزل مدينة الهاشمية بالكوفة واستتم شيئاً كان بقي منها، وزاد فيها بناءً وهيأها على ما أراد (البلدان ص 285) . وأما بحسب رواية الطبري في تاريخه، فإن مدينة الهاشمية التي بناها المنصور، إنما تقع قبالة مدينة ابن هبيرة، وبينهما عرض الطريق . غير أن موقعها بحسب ما ذكر اليعقوبي، هو بين الكوفة والحيرة (البلدان: ص 237) . * اسم يكتنفه الغموض أن اسم الهاشمية إنما يكتنفه الكثير من الغموض والتشابه . وهو يرد اسماً لمواضع وأبنية وقصور متعددة . وربما كان أوضح الروايات رواية البلاذري التي مر ذكرها، من أن الهاشمية هي من بناء أبي العباس في الجزء الذي كان فيه قصر ابن هبيرة، وقد كره الخليفة العباسي الأول، أن يظل ذكرها عند الناس مقروناً بابن هبيرة بانيها الأول، لأنها لم تشتهر بين الناس باسم الهاشمية . وقد يكون هجرها لهذا السبب كما تقول روايات معظم المؤرخين . أما إذا أردنا التعرف إلى موقع مدينة ابن هبيرة، فإنها كما هو واضح من رواية البلاذري واليعقوبي تقع على الفرات . أما قصر ابن هبيرة بالتحديد، فهو يقع على ضفة الفرات اليسرى/ الشرقية، فوق الكوفة كثيراً (كتاب البلدان: 227) . وقد زاره الرحالة المقدسي في القرن الهجري الرابع/ العاشر للميلاد، وكان بحالة جيدة، بحيث كتب عنه يقول: أما قصر ابن هبيرة، فمدينة كبيرة جيدة الأسواق، تجيئهم الماء من الفرات . وهناك روايات أخرى تقول إن المنصور بعد شروعه ببناء بغداد/ المدينة المدورة، عاد فسكن قصر ابن هبيرة، إذ يقول اليعقوبي أثناء حديثه عن خروج محمد بن عبد الله،: ولم يقر أبو جعفر إلاّ اياماً، حتى أتاه الخبر بخروج محمد بن عبد الله بن حسن وظهور أمره . فرجع إلى الكوفة فأقام بقصر ابن هبيرة (تاريخ اليعقوبي: 2/450) . وكذلك يذكر أبو الفدا في تاريخه، تلك الحوادث فيعلق قائلاً: إنه عندما قضى المنصور على محمد بن عبد الله وأخيه إبراهيم، تحول من مدينة ابن هبيرة إلى بغداد ليكمل عمارتها (تاريخ اليعقوبي 2/4) . وهناك من يقول إن أمير المؤمنين الخليفة العباسي الثاني أبا جعفر المنصور لم يمكث في مدينة الهاشمية كثيراً . إذ كرهها كرهاً شديداً، وخصوصاً بعدما ثارت في وجهه الحركة الراوندية . وكانت آراؤهم مخالفة لمبادئ الإسلام، فتصدى لهم منكراً وغاضباً بعدما كانوا من أنصاره . وقد خشي على نفسه من أن تطاله سيوفهم التي شهروها في وجهه، فآثر ترك الهاشمية بعدما رأى ضرورة تغيير العاصمة، وأخذ يبحث عن موضع يصلح لأن يكون داراً للخلافة وعاصمة لملكه الواسع، فوجد ضالته في الأنبار قبل أن يشرع في بناء دار الخلافة في المدينة المدورة / بغداد . * بناء الأنبار والواقع أن الأنبار، إنما هي من المراكز المهمة التي اتخذها الخلفاء العباسيون الأوائل داراً لخلافتهم قبل بغداد . وقد بناها الخليفة العباسي الأول أمير المؤمنين أبو العباس على الضفة اليسرى لنهر الفرات (الضفة الشرقية) . ويقول المؤرخون العرب إنها على مسيرة إثني عشر فرسخاً من بغداد . غير أن ياقوت الحموي وكذلك أبو الفدا، يقولان بأنها تقع على بعد عشرة فراسخ من بغداد . وهي تقع في سهل قابل للزراعة على مقربة من نهر عيسى الذي كان ينتهي إلى بغداد ويصب في دجلة . وكان يعرف قبل بناء مدينة السلام بنهر رفيل، وهو يأخذ مياهه من الضفة اليسرى لنهر الفرات، عند القنطرة . وفي روايات المؤرخين أيضاً أن الخليفة أبا العباس، حين ترك الكوفة، تحول إلى الحيرة . غير أنه تركها فيما بعد، وسار باتباعه باتجاه معاكس لمجرى النهر، حتى انتهى إلى موضع الأنبار، فاستطابه ورضي عنه . وقد اشترى أراضي ذلك الموضع من أصحابها، ثم قسمها خططاً ووزعها على قواده وجنده .


١٢ مشاهدة٠ تعليق
bottom of page