الصحابي سعيد بن عامر - د .صالح العطوان الحيالي -------------------------------------------------- سعيد بن عامر الجمحي هو الصحابي سعيد بن عامر الجمحي من كبار الصحابة، كان إذا خرج عطاؤه اشترى لأهله قوتهم وتصدق بما بقى، توفي سعيد بن عامر ولم يكن يملك شيئا توفي سنة 20 هجرية وهو وال حمص في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سبب إسلامه ــــــــــــــــــ كان سعيد بن عامر فتى شابا في ريعان شبابه، وكان من الذين خرجوا إلى منطقة التنعيم في ظاهر مكة بدعوة من زعماء قريش ليشهدوا مصرع الصحابي: خُبيب بن عدي بعد أن ظفروا به غدرا. وقد تأثر سعيد بن عامر تأثرا بالغا بحادثة قتل خبيب بن عدي وصلبه، ووقع في نفسه استنكار ما فعلته قريش من جهة، والأخلاق السمحة التي شاهدها في خبيب من جهة أخرى، فكان ما سمعه وشاهده من خبيب بن عدي هو السبب الرئيسي الذي جعل في نفسه الرغبة القوية للدخول في الإسلام. وقد كانت هذه الحادثة لا تفارق سعيد بن عامر في يقظته ومنامه، وتعلم من ذلك مدى الصدق في الإيمان ورسوخ العقيدة، وقد تمثل له ذلك في خبيب بن عدي الذي سمع منه وهو يقول قبل أن يقتل: ولست أبالي حين أقتل مسلما ... على أي جنب كان في الله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع وعلمه أمرا آخر هو أن الرجل الذي يحبه أصحابه كل هذا الحب إنما هو نبي مؤيد من السماء. وبذلك شرح الله صدر سعيد بن عامر إلى الإسلام، فقام في ملاء من الناس وأعلن براءته من آثام قريش وأوزارها، ودخوله في دين الله، ثم هاجر بعد ذلك إلى المدينة المنورة. نسب سعيد بن عامر وقبيلته: ـــــــــــــــــــــ سعيد بن عامرسعيد بن عامر بن حذيم بن سلامان بن ربيعة القرشي الجمحي، من كبار الصحابة وفضلائهم. وقد أسلم سعيد بن عامر قبل غزوة خيبر، وهاجر إلى المدينة، وشهد مع رسول الله خيبر وما بعد ذلك من المشاهد، ولا نعلم له بالمدينة دارًا وقد أثرت تربية الرسول فيه، وهذا ما نراه من زهده وورعه وبعده عن مواطن الشبهات. وكانت شخصيته ورعة زاهدة تقية، وكان على قدر تحمل المسئولية. بعض مواقف سعيد بن عامر مع الصحابة : ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انطلاقًا من حرص عمر على تفقد أحوال الرعية، فقد سأل عمر بن الخطاب عامله على حمص سعيد بن عامر، فقال له عمر: ما لك من المال؟ قال: سلاحي وفرسي وأبغل أغزو عليها، وغلام يقوم عليَّ وخادم لامرأتي، وسهم يعد في المسلمين. فقال له عمر: ما لك غير هذا؟ قال: حسبي هذا، هذا كثير. فقال له عمر: فلمَ يحبك أصحابك؟ قال: أواسيهم بنفسي، وأعدل عليهم في حكمي. فقال له عمر: خذ هذه الألف دينار فتقوَّ بها. قال: لا حاجة لي فيها، أعط من هو أحوج إليها مني. فقال عمر: على رسلك حتى أحدثك ما قال رسول الله، ثم إن شئت فاقبل وإن شئت فدع: إن رسول الله عرض عليَّ شيئًا فقلت مثل الذي قلت، فقال رسول الله: "من أعطي شيئًا من غير سؤال ولا استشراف نفس، فإنه رزق من الله فليقبله ولا يرده". فقال الرجل: أسمعت هذا من رسول الله؟ قال: نعم. فقبله الرجل ثم أتى امرأته فقال: إن أمير المؤمنين أعطانا هذه الألف دينار، فإن شئت أن نعطيه من يتجر لنا به ونأكل الربح ويبقى لنا رأس مالنا، وإن شئت أن نأكل الأول فالأول. فقالت المرأة: بل أعطه من يتجر لنا به ونأكل الربح، ويبقى لنا رأس المال. قال: ففرقيه صررًا. ففعلت، فجعل كل ليلة يخرج صرة فيضعها في المساكين ذوي الحاجة، فلم يلبث الرجل إلا يسيرًا حتى توفي، فأرسل عمر يسأل عن الألف، فأخبرته امرأته بالذي كان يصنع، فالتمسوا ذلك فوجدوا الرجل قدمها لنفسه، ففرح بذلك عمر وسُرَّ وقال: يرحمه الله، إن كان الظن به كذلك . واستعمل عمر بن الخطاب سعيدًا بن عامر على جند حمص، فقدم عليه فعلاه بالدرة، فقال سعيد: سبق سيلك مطرك، إن تستعتب نعتب، وإن تعاقب نصبر، وإن تعف نشكر. قال: فاستحيا عمر وألقى الدرة. وقال: ما على المؤمن أو المسلم أكثر من هذا، إنك تبطئ بالخراج. فقال سعيد: إنك أمرتنا أن لا نزيد الفلاح على أربعة دنانير، فنحن لا نزيد ولا ننقص إلا أنا نؤخرهم إلى غلاتهم. فقال عمر: لا أعزلك ما كنت حيًّا . شكوى أهل حمص : ـــــــــــــــــــــ عندما زار عمر حمص تحدث مع أهلها فسمع شكواهم، فقد قالوا: "نشكو منه أربعًا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار، ولا يجيب أحد بليل، وله في الشهر يومان لا يخرج فيهما إلينا ولا نراه، وأخرى لا حيلة له فيها ولكنها تضايقنا، وهي أنه تأخذه الغشية بين الحين والحين". فقال عمر همسًا: "اللهم إني أعرفه من خير عبادك، اللهم لا تخيب فيه فراستي". ودعا سعيدًا للدفاع عن نفسه، فقال سعيد: "أما قولهم: إني لا أخرج إليهم حتى يتعالى النهار، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب، إنه ليس لأهلي خادم، فأنا أعجن عجيني، ثم أدعه حتى يختمر، ثم أخبز خبزي، ثم أتوضأ للضحى، ثم أخرج إليهم". وتهلل وجه عمر وقال: "الحمد لله، والثانية؟!". قال سعيد: "وأما قولهم: لا أجيب أحدًا بليل، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب، إني جعلت النهار لهم، والليل لربي. وأما قولهم: إن لي يومين في الشهر لا أخرج فيهما، فليس لي خادم يغسل ثوبي، وليس لي ثياب أبدلها، فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر حتى يجف بعد حين، وفي آخر النهار أخرج إليهم. وأما قولهم: إن الغشية تأخذني بين الحين والحين، فقد شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة، وقد بضعت قريش لحمه، وحملوه على جذعة، وهم يقولون له: أتحب أن محمدًا مكانك، وأنت سليم معافى؟ فيجيبهم قائلاً: والله ما أحب أني في أهلي وولدي معي عافية الدنيا ونعيمها، ويصاب رسول الله بشوكة، فكلما ذكرت ذلك المشهد الذي رأيته، وأنا يومئذٍ من المشركين، ثم تذكرت تركي نصرة خبيب يومها، أرتجف خوفًا من عذاب الله، ويغشاني الذي يغشاني". وانتهت كلمات سعيد المبللة بدموعه الطاهرة، ولم يتمالك عمر نفسه وصاح: "الحمد لله الذي لم يخيِّب فراستي"، وعانق سعيدًا . بعض الأحاديث التي نقلها سعيد بن عامر عن النبي : قال سعيد بن عامر: سمعت رسول الله يقول: "يجيء فقراء المسلمين يزفون كما يزف الحمام، ويقال لهم: قفوا للحساب. فيقولون: والله ما أعطيتمونا شيئًا تحاسبونا به. فيقول الله: صدق عبادي. فيدخلون الجنة قبل الناس بسبعين عامًا" . وعن سعيد بن عامر قال: سمعت رسول الله يقول: "لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أشرفت إلى أهل الأرض لملأت الأرض ريح المسك، ولأذهبت ضوء الشمس والقمر" وفاة سعيد بن عامر : توفِّي بالرّقة فيما قيل سنة تسع عشرة وهو بقيساريّة أميرها، وقيل: بالرّقة سنة ثماني عشرة، وقيل: سنة عشرين. قال ابن سعد في الطبقة الثالثة: مات سنة عشرين، وهو والٍ على بعض الشام لعمر
J’aimeAfficher pl