دمشق الياسمين - حسين علي يوسف عبيدات
-------------------------------------
بسمة الصباح ... صباح الخير ... سألوني عن دمشق فقلت : دمشق العتيقة صفحة انسان خالد في عشق الذاكرة تتلون بشتى الوان الماضي وعبق وحكايا التاريخ المرسوم بالياسمين الابيض يزفونه من شذى عطره الفواح الذي يسابقه انساننا الشامي القديم في النقاء والسلام ... فالطرقات العتيقة الضيقة تحكي للحاضر قصة الجار والمحبة والنخوة ... تروي وحدة الدمعة والبسمة تزينها فوانيس النور في لياليها الصيفية والشتوية لتزيد في النفوس نورا على النور يلوح للغني بحمل اطايب الطعام لجاره ويدفع بالخير مفرشا لكل زائر للحارة فحواري الشام مشاعل حب وفداء ونضال ... فالمرجة تصرخ كل يوم وتنادي القاصي والداني بشهداء ترابها ... تروي بصرختها معاني البطولة والبساطة والجمال التي رسمتها وحدة المشاعر والفكر النظيف كجبل قاسيون في رونق جماله الذي كان شاهدا على مر الزمن وعاش يعانق المجد والحياة بشموخ .... و ينشر بسمته في الفضاء حتى بات يبكي ضياع الشام من اصولها وقيمها كما فعل بردى الذي يغني بمياهه الرقراقة ويوزع البلسم للجراح وللروح ويروي النفس والزرع بكرم وسخاء ... هذا النهر كان يسافر في رحلته اليومية ليحكي صفاء الانسان ويحز العقل على كتابة الاشعار ... حتى جاء يوم من الايام شيطان مريد حاملا عسلا مسموما مستوردا ملفوفا بورق غربي نشره فوق عشب قاسيون ومياه بردى وتحت قبة المرجة فشاهده غراب اسود فحمله بمنقاره اللئيم ونثره في الفضاء حتى تسمم الهواء فقتل من تلقفه بحب وبقى من قاوم صناعة العسل الغربي ...من هنا تشكلت الرياح والعواصف و التي اقتلعت كل منارة خير ودمرت بيوت الاصل والأصالة تمهيدا لزخرفة بناء جديد وسكان جدد يدسون كل العراقة ... آه من دمشق هي الحب فيها صفحة الانسان القديم اثارها تروي وتروي جمالا في القدم عساه يعود ما دامت شتائل الياسمين تنمو ... صباح الشام ... صباح الخير ...