السفر إلى الماضي .. - حسين علي يوسف عبيدات
------------------------------------------------
بسمة الصباح ... صباح الخير .... السفر إلى الماضي .... نفس حائرة غاضبة من قضبان جسد يشد عليها بسلاسل صنعت بمصانع حاضر الحياة نفس تهرب من ذاتها تبحث عن رحلة تجد فيها حروف الحياة بعد أن تاهت منها عبارات للفرح ولُفت بضوضاء داخلي وخارجي وصخب يخرق العقل فيصيبه بالشلل وحرارةٍ تلسع بأبر فتصيب خمولاً ونورا ينطفئ بظلام الليل الدامس وشاشات عرض للأخبار قاتلة مدمرة لكل عصب هادئ .... نفس تبحث عن مدينة تلجأ إليها تشحذ منها ببعض من الطاقة الإيجابية تساعدها في مشوار الحياة .... ولكن كل المدن تصرخ بالنفوس الحائرة المهاجرة .. كل المدن تبكي وجعاً .... وتصرخ أنين الوجع .... فأين المفر يا أيتها النفس الثائرة وبلاد الأرض تبكي فاركني في سجنك وأبتغي فرجا أو احزمي حقائبك وإلى الماضي إرحلي ففيه هدوءاً وسكينة وفرح مزروع في زوايا عدة في الأسواق وفي معول جدي وهو يشق الأرض ويسقي غلاله بالعرق وفي رغيف امي وهي تحمله من الفرن ببسمة فرح تعلو وجنتها بعد قبلات عدة تبادلتها مع نار الخبز لينتشر الدخان ورائحة الخبز في البيت بدلا من العطر وأي عطر والكل يتهافت في الأكل كما يتهافت الرضيع إلى صدر أمه وصرخة الجارة تعلو في جنبات الدار بالدعاء والبركة لأهل المنزل وبين حنايا البيت قطة تموء لتأكل فيأتي الكرم بطعامها قبل الناس جميعا .... وفي الحارة حمار يركبه الشيب والولد وهو طوع أمرك بقليل من العشب قد يحملك ومتاعك وأنت تغني والكل يصفق لاغنية تصاغ من حوافر المركوب ونهيقه وفرح الراكب لأن صوت الواحد هو للكل وغناء الكل هو لحن للواحد .... ماضي هربت منه يانفس متذمرة كارهة طمعا بصور الغرب ماضي لم تدركِ جماله إلاّ الآن وحاليا لم تجدي سواه لتسافرين إليه وتتمنين عودته .... ماضي فيه من البساطة والنقاء والجمال وحكايات تنعش الروح والعمر فإرحلي أيتها النفس في سفر إلى أجدادك وأيامهم وإفرحي بماضي طفولتك لتتنفسي هواءً يدفعك في بقية عمرك المسجون في قفص سلبيات ووباء حضارة .... قوامها كذب وخداع .... سافري إليه في رحلة قصيرة وتعلّمي منه درسا يقيك شر الحاضر ( فتلك الأيام نداولها لين الناس ) والتاريخ يعود بصور في الشكل مختلفة وفي المضمون نفسها ... فهل من مسافر معي ...؟ صباح السفر .... صباح الخير ....