قصر قارون - د. صالح العطوان الحيالي
----------------------------------------- قصر قارون يقع فى الطرف الجنوبى الغربى لبحيرة قارون بمحافظة الفيوم، ويبعد عن مدينة الفيوم حوالى 50 كم. من المعلومات الشائعة عنه أنه تابع للملك قارون الذى ذكر اسمه فى القرآن وخسف الله به وبقصره وماله الأرض، وإذا سألت عنه فى الفيوم تسمع العديد من القصص منها أن الجزء الظاهر من هذا القصر هو جزء بسيط وأن معظم القصر مدفون فى الأرض، وأن هناك نفقا تحت الأرض يصل بين القصر والإسكندرية، وأن من يدخل هذا القصر لا يخرج منه وأن الوحيد الذى خرج أصابه جنون مما رأى تحت الأرض. أن هذا القصر عبارة عن موقع أثرى به معبد من آواخر العصر البطلمى، وتحيط به بقايا المدينة القديمة دينيسيوس، والتى تقع قريبا من الطرف الجنوبى الغربى لبحيرة قارون، وقد تأسست هذه المدينة فى القرن الثالث ق.م، وازدهرت فى العصر الرومانى وكانت منطقة حدود تخرج منها القوافل إلى الواحات البحرية، وأن هذه المنطقة ظلت بلا حفر حتى زارتها بعثة فرنسية سويسرية عام 1984، وأجرت حفائرها التى أسفرت عن كشف حمام رومانى وعدة منازل بعضها مزين بصور جدارية متميزة بزخارف لها علاقة بعبادة الشمس، كما عثرت البعثة على كثير من الأدوات المنزلية والأوانى الفخارية، وعدة قوالب تراكوتا خاصة بالعملة، وكشفت عن بقايا قلعة رومانية ضخمة بناها دوق لاتيان، لصد أى غزو قادم من الجنوب، وشيدت من الطوب الأحمر وبعناية فائقة ومحاطة بسور له باب من الحجر الجيرى، وبها تسعة أبراج. وأهم أثر بالمنطقة هو المعبد والذى كرس لعبادة الإله سوبك، ويتكون من صالتين كبيرتين تقودان إلى قدس الأقداس الذى يتكون من ثلاث مقاصير، الوسطى منهم للمركب المقدس، والأخرتان لوضع تماثيل الإله، ويوجد تحت قدس الأقداس ممرات والمدخل الذى يؤدى إلى حجرة الوحى ويمكن الصعود إلى الطابق العلوى. أما تسميته بقصر قارون كان يطلق على الجزء اليابس من البحيرة قرن، ولتعدد الأجزاء اليابسة فى بحيرة قارون سميت بحيرة (قرون) وقصر (قرون)، ثم تحرف الاسم وأصبح بحيرة وقصر (قارون). يُعدّ قصر قارون من المواقع الأثرية والسياحية المشهورة في جمهورية مصر العربية، والذي يوجد في محافظة الفيوم بالقرب من بحيرة قارون، وهو عبارة عن معبد من العصر اليوناني والروماني، وليس له أيّة علاقة بقارون الذي ورد ذكره في القرآن الكريم والذي قال عنه عز وجل (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِن مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ). صدق الله العظيم. يعتبر قصر قارون معبداً تمّ إنشاؤه خلال العصر الروماني من أجل عبادة الإله سوبك وديونيسيوس، وهو إله الحب والخمر عند الرومان، ولكن في العصر الإسلامي سمي بقصر قارون نسبةً لقربه من بحيرة قارون والتي سُمّيت بذلك نسبةً إلى كثرة الخلجان والقرون فيها، ففي البداية كانوا يسمونها ببحيرة القرون، ثمّ تمّ تحريفها فأصبحت بحيرة قارون، مع العلم أنّها باقي ما تبقى من "بحيرّة موريس" في العصر الفرعوني. حقائق علمية عن القصر ـــ توجد في المعبد قرابة (100) حُجرة أو أقل، وهي كانت تستعمل لتخزين الغلال بالإضافة لاستعمالات الكهنة في ذلك الوقت. تؤكّد الحقائق العلمية على وجود طريق بري كان يصل ما بين الإسكندرية والفيوم، وكانوا يستخدمونها لنقل البضائع (في العصر الروماني) من الفيوم والصعيد إلى الإسكندرية باتجاه أوروبا. هناك من يعتقد بوجود كنوز في هذا القصر ولكن في الحقيقة لا وجود لذلك؛ لأنّه قد ذُكر في القرآن الكريم بأن الله تعالى خسف بقارون وداره الأرض، بالإضافة إلى أنّه لا يُعرف أين مكان قارون في مصر؛ حيث إنّ القرآن الكريم لم يحدد مكان قارون وقصره، بل ورد ذكره كقصة فقط للعبرة. هناك دراسات حديثة تؤكد تعامد أشعة الشمس على المعبد بتاريخ 21 ديسمبر من كل سنة؛ حيث شُكلت لجنة تتكوّن من علماء آثار وتمّ تأكيد ما جاء بهذه الدراسات بأنّ الشمس تتعامد بمكان قدس الأقداس في معبد قصر قارون ويستمرّ ذلك قرابة (25) دقيقة، وقام عددٌ من الباحثين بنشر أبحاثٍ عن هذه الظاهرة التي حدثت في ذلك التاريخ؛ حيث يوافق الانتقال الشتوي من كل عام، بالإضافة إلى أنّ اللجنة تأكدت من تعامد أشعّة الشمس على المقصورة اليمنى من قدس الأقداس، ولم يحصل ذلك في الجهة اليسرى من المقصورة نفسها؛ لأنّها كانت توجد فيها مومياء التمساح، وهي رمز الإله سوبك والذي لا يجب تعريضه للشمس كي لا تتأذّى المومياء من أشعة الشمس، وكانوا يعتقدون أيضاً أن هذه المومياء يُفترض أن تكون في عالم آخر، وأنّ الشمس لا تشرق إلا على الأحياء فقط
---------------------------------------------
د. صالح العطوان الحيالي 22-7-2017