الثقة العميــــــــاء ( الثقة في كل احد عجز ) - د. صالح العطوان الحيالي
--------------------------------------------------------------------
(الثقة فى كل أحدٍ عجز ! ) حكمة بليغة كثيراً ما أتوقف أمامها متأملاً روعة معناها ومغزاها ، وليت الجميع يعملون بها ! فهى تعنى أن يتوكل الإنسان عــلى خالقه فقط ولا يعتمد أو يتوكل على مخلوق مثله !!! ذلك أن المخلوق فى النهاية بشر ،والبشر فى كل الأحوال أهوائهم متقلبة لا تثبت على مبدأ ، وقلوبهم تتأثر بأمزجتهم وحالتهم النفسية ،فمن يحبك اليوم وارد جداً أن يكرهك غداً وأحياناً بعد لحظات ! وسبحان مُثـّبت القلوب . وهذا ما حدث فى الواقع مع صديقي الذى نشأ فى أسرة عادية متوســــــطة الحال تتألف من أب طيب وأم حنون وثلاث شقيقات . عاش صديقي طفولته البريئة فى كنف أسرته ،يحظى برعاية خاصة جداً من أمـــــه وبتدليل يفوق الوصف! وحين كبر لم تكن له أى تجارب عاطفية حتى بــــــــعد أن تخرّج وبلغ الثلاثين من عمره،حتى أن أمه اضطرت لأن تبحث له بــــــنفسها عن عروس مناسبة ورشحت لها إحدى صديقاتها عروس شابة فى العــــــــشرين من عمرها ، تلك هى أشجان،ويلتقى أمجد بأشجان ويحدث القبول والإعجاب بينهما، خاصة صديقي الذى تأثر كثيراً بهدوء عروسه وتحفظها معه خلال فترة الخطبة مما زاد إعجابه بها ! وبالفعل كانت أشجان واقعية كثيراً فى تفكيرها حتى أنها إقترحت على صديقي توفير ثمن شقة الزوجية ويقيمون سوياً مع أبيه وأمه ، وفرح صديقي كثيراً بإقتراح خطيبته وقام بالفعل ببيع شقة الزوجية واشترى بنصف ثمــــــــنها سيارة صغيرة مستعملة ،واشترى لزوجته بالباقى ذهباً ،وبدأت حياتهما الزوجية وأنجبا طفلة ،وحدثت المشاكل المعتادة بين زوجة صديقي وأمه فلم يجد المسكيــــن حلاً سوى السفر للعمل بالخارج فى أى دولة عربية ،وسافر فعلاً واصطحب معه زوجته أشجان وطفلتهم الصغيرة ،وعاش الزوجان فى الغربة أجمــــل سنـــوات العمروأنجبا طفلاً آخر ، وبعد مرور عدة سنوات فى الغربة إقترحت عليه زوجته شراء شقة فاخرة فى مصر للمستقبل ،وضع الزوج المسكين فيها كل مدخراته ، وطالبته بعد ذلك بالتوفير والإقتصاد فى النفقات لتجهيز الشقة وتأثيثها وحــــدث لها ذلك ، ثم وقعت كارثة شركات توظيف الأموال الشهيرة فى مصر ،فإقترحـــت عليه أن تكون أموالهم دائماً تحت تصرفهم وسيــــطرتهم فى شـــــــــــكل مصوغات ذهبية بكل أشكالها تحسباً لغدر الزمن !! وحدث لها ذلك أيضاً فــــكان الزوج المخدوع يشترى بكل مدخراته فى الغربة ذهباً يضعه فى يد زوجته ! فوجئت ذات يوم بصاحبى يدخل علىّ مكفهّر الوجه ،تظهر عليه علامــــات اليأس والإحباط قائلاً : تصّور اننى كنت أعمل فى غربتى فترتين يومــياً بلا كلل لألبى طلبات زوجتى وأبنائى وأؤمن مستقبل الأسرة ،ومضت سنوات علــــى هذا الحال ،ثم لاحظت أن زوجتى ترفض السفر معى إلى مقر عملى فى الدولة العربية التى أعمل بها ،بل وطلبت منى أن آخذ معى أطفالى بحجة أنها لا تستطيع رعايتهم وحدها ،وحتى تستطيع هى أن تتفرغ لطفلتنا الكبرى التـــى ستدخـــــــل إمتحان الشهادة الإبتدائية بعد شهور ،واصطحبت طفلاى معى ومرّت علىّ الأيام ثقيلة فى الغربة أنا وأبنائى، وعندما طلبت منها الحضور بعد إنتهاء إمتحــــــــان إبنتى رفضت نهائياً ، فأسرعت عائداً إلى مصر لأنقذ أســـرتى مـــــن التــــــشتت والضياع ،ففوجئت بزوجتى تطلب منى الطلاق ببرود شديد ،وصُدمــت صـــــدمة رهيبة عندما علمت من طفلتى أنها كانت تحّدثها عن شخص آخر فى حيـــــــاتها وتحاول إقناعها بأنه أحسن من (بابا) ،وحاولت معها كثيراً من أجــل أولادنا دون فائدة بل تزداد إصراراً على الطلاق وإستولت على (تحويشة ) عمرى فى غربتى سواء كانت الشقة التى كتبتها بأسمها أو المحل التجارى أو الذهب ،وهكــــــذا يا صديقى عدت من الغربة صفر اليدين ،لا أجد حتى ثمن الشقة التى ســوف أعيش فيها مع أولادى !! والله لا أدرى كيف هان عليها أولادها إلى هذا الحد ؟! أى قلب تـعيش به تلك الأم العجيبة ؟!! ولصاحبى قلت : هوّن عليك يا أخى ،فقد أخطأت فى البداية خطأ قاتلاً بثقتك العمياء بزوجتك ،وأفرطت بسخاء فى الإعتماد على (حكمة) زوجتك العزيزة !! حتى انك كنت ترى دائماً عين الصواب فى كل ما تقرره هى ،وأصبحت أنت بكل أسف مسلوب الإرادة! لا رأى لك ولا قرار ! وفى الواقع لقد تشكلت شخصيتك منذ طفولتك عندما ظلمتك أمك كثـــيراً بدلالها لك والمبالغة فى حمايتك نفسياً وأنت فى مهد الصبا والطفولة !! وانعكس ذلك عليك سلبياً فى رجولتك فأصبحت رجل مسلوب الإرادة ،لا تعرف أين وكيف ومتى تتخذ القرار السليم ؟!! لقد تصورت يا صديقى أن زوجتك سوف تعطيك الأمان النفسى الذى وفـّرته لك أمّك ،ذلك انك تعّودت دائماً الأخذ من الغير ،فكنت تأخذ من زوجتك النصيحة والمشورة والقرار ! وكنت أيضاً ضحية إفراطك فى الثقة العمياء بحكمة زوجتك وأمانتها ،حتى انك سلّمت لها شقاء سنوات الغربة كله (لتحفظه) لك فى عنقها ورسغيها وصندوق مجوهراتها ،وكأنك لم تسمع من قبل عن إختراع اسمه البنوك والمصارف وأوعية الإدخار الآمنة ! وفوق كل ذلك كتبت الشقة والمحل التجارى بإسمها بغير أى مبرر سوى سوء تفكيرك وتدبيرك ، أو بمعنى أصح إعتمادك على الغير ليفـّكر لك ويدّبر لك ويقـّرر لك !! أين عقلك يا صاحبى ؟ أين شخصيتك ؟!! أين تفكيرك المنطقى ؟ أين خبرتك وتجاربك فى الحياة ؟!! ولله در القائل : ألم تر أن العقل زين لصاحبه ..لكن تمام العقل طول التجـــــــــــارب! 15-7-2017 (الثقة فى كل أحدٍ عجز ! ) حكمة بليغة كثيراً ما أتوقف أمامها متأملاً روعة معناها ومغزاها ، وليت الجميع يعملون بها ! فهى تعنى أن يتوكل الإنسان عــلى خالقه فقط ولا يعتمد أو يتوكل على مخلوق مثله !!! ذلك أن المخلوق فى النهاية بشر ،والبشر فى كل الأحوال أهوائهم متقلبة لا تثبت على مبدأ ، وقلوبهم تتأثر بأمزجتهم وحالتهم النفسية ،فمن يحبك اليوم وارد جداً أن يكرهك غداً وأحياناً بعد لحظات ! وسبحان مُثـّبت القلوب . وهذا ما حدث فى الواقع مع صديقي الذى نشأ فى أسرة عادية متوســــــطة الحال تتألف من أب طيب وأم حنون وثلاث شقيقات . عاش صديقي طفولته البريئة فى كنف أسرته ،يحظى برعاية خاصة جداً من أمـــــه وبتدليل يفوق الوصف! وحين كبر لم تكن له أى تجارب عاطفية حتى بــــــــعد أن تخرّج وبلغ الثلاثين من عمره،حتى أن أمه اضطرت لأن تبحث له بــــــنفسها عن عروس مناسبة ورشحت لها إحدى صديقاتها عروس شابة فى العــــــــشرين من عمرها ، تلك هى أشجان،ويلتقى أمجد بأشجان ويحدث القبول والإعجاب بينهما، خاصة صديقي الذى تأثر كثيراً بهدوء عروسه وتحفظها معه خلال فترة الخطبة مما زاد إعجابه بها ! وبالفعل كانت أشجان واقعية كثيراً فى تفكيرها حتى أنها إقترحت على صديقي توفير ثمن شقة الزوجية ويقيمون سوياً مع أبيه وأمه ، وفرح صديقي كثيراً بإقتراح خطيبته وقام بالفعل ببيع شقة الزوجية واشترى بنصف ثمــــــــنها سيارة صغيرة مستعملة ،واشترى لزوجته بالباقى ذهباً ،وبدأت حياتهما الزوجية وأنجبا طفلة ،وحدثت المشاكل المعتادة بين زوجة صديقي وأمه فلم يجد المسكيــــن حلاً سوى السفر للعمل بالخارج فى أى دولة عربية ،وسافر فعلاً واصطحب معه زوجته أشجان وطفلتهم الصغيرة ،وعاش الزوجان فى الغربة أجمــــل سنـــوات العمروأنجبا طفلاً آخر ، وبعد مرور عدة سنوات فى الغربة إقترحت عليه زوجته شراء شقة فاخرة فى مصر للمستقبل ،وضع الزوج المسكين فيها كل مدخراته ، وطالبته بعد ذلك بالتوفير والإقتصاد فى النفقات لتجهيز الشقة وتأثيثها وحــــدث لها ذلك ، ثم وقعت كارثة شركات توظيف الأموال الشهيرة فى مصر ،فإقترحـــت عليه أن تكون أموالهم دائماً تحت تصرفهم وسيــــطرتهم فى شـــــــــــكل مصوغات ذهبية بكل أشكالها تحسباً لغدر الزمن !! وحدث لها ذلك أيضاً فــــكان الزوج المخدوع يشترى بكل مدخراته فى الغربة ذهباً يضعه فى يد زوجته ! فوجئت ذات يوم بصاحبى يدخل علىّ مكفهّر الوجه ،تظهر عليه علامــــات اليأس والإحباط قائلاً : تصّور اننى كنت أعمل فى غربتى فترتين يومــياً بلا كلل لألبى طلبات زوجتى وأبنائى وأؤمن مستقبل الأسرة ،ومضت سنوات علــــى هذا الحال ،ثم لاحظت أن زوجتى ترفض السفر معى إلى مقر عملى فى الدولة العربية التى أعمل بها ،بل وطلبت منى أن آخذ معى أطفالى بحجة أنها لا تستطيع رعايتهم وحدها ،وحتى تستطيع هى أن تتفرغ لطفلتنا الكبرى التـــى ستدخـــــــل إمتحان الشهادة الإبتدائية بعد شهور ،واصطحبت طفلاى معى ومرّت علىّ الأيام ثقيلة فى الغربة أنا وأبنائى، وعندما طلبت منها الحضور بعد إنتهاء إمتحــــــــان إبنتى رفضت نهائياً ، فأسرعت عائداً إلى مصر لأنقذ أســـرتى مـــــن التــــــشتت والضياع ،ففوجئت بزوجتى تطلب منى الطلاق ببرود شديد ،وصُدمــت صـــــدمة رهيبة عندما علمت من طفلتى أنها كانت تحّدثها عن شخص آخر فى حيـــــــاتها وتحاول إقناعها بأنه أحسن من (بابا) ،وحاولت معها كثيراً من أجــل أولادنا دون فائدة بل تزداد إصراراً على الطلاق وإستولت على (تحويشة ) عمرى فى غربتى سواء كانت الشقة التى كتبتها بأسمها أو المحل التجارى أو الذهب ،وهكــــــذا يا صديقى عدت من الغربة صفر اليدين ،لا أجد حتى ثمن الشقة التى ســوف أعيش فيها مع أولادى !! والله لا أدرى كيف هان عليها أولادها إلى هذا الحد ؟! أى قلب تـعيش به تلك الأم العجيبة ؟!! ولصاحبى قلت : هوّن عليك يا أخى ،فقد أخطأت فى البداية خطأ قاتلاً بثقتك العمياء بزوجتك ،وأفرطت بسخاء فى الإعتماد على (حكمة) زوجتك العزيزة !! حتى انك كنت ترى دائماً عين الصواب فى كل ما تقرره هى ،وأصبحت أنت بكل أسف مسلوب الإرادة! لا رأى لك ولا قرار ! وفى الواقع لقد تشكلت شخصيتك منذ طفولتك عندما ظلمتك أمك كثـــيراً بدلالها لك والمبالغة فى حمايتك نفسياً وأنت فى مهد الصبا والطفولة !! وانعكس ذلك عليك سلبياً فى رجولتك فأصبحت رجل مسلوب الإرادة ،لا تعرف أين وكيف ومتى تتخذ القرار السليم ؟!! لقد تصورت يا صديقى أن زوجتك سوف تعطيك الأمان النفسى الذى وفـّرته لك أمّك ،ذلك انك تعّودت دائماً الأخذ من الغير ،فكنت تأخذ من زوجتك النصيحة والمشورة والقرار ! وكنت أيضاً ضحية إفراطك فى الثقة العمياء بحكمة زوجتك وأمانتها ،حتى انك سلّمت لها شقاء سنوات الغربة كله (لتحفظه) لك فى عنقها ورسغيها وصندوق مجوهراتها ،وكأنك لم تسمع من قبل عن إختراع اسمه البنوك والمصارف وأوعية الإدخار الآمنة ! وفوق كل ذلك كتبت الشقة والمحل التجارى بإسمها بغير أى مبرر سوى سوء تفكيرك وتدبيرك ، أو بمعنى أصح إعتمادك على الغير ليفـّكر لك ويدّبر لك ويقـّرر لك !! أين عقلك يا صاحبى ؟ أين شخصيتك ؟!! أين تفكيرك المنطقى ؟ أين خبرتك وتجاربك فى الحياة ؟!! ولله در القائل : ألم تر أن العقل زين لصاحبه ..لكن تمام العقل طول التجـــــــــــارب!