العلاقات الأسرية - حسين علي يوسف عبيدات
---------------------------------------
بسمة الصباح ... صباح الخير ... كيف يتخلص المرء من عباءة أهله وهل ينبغي التخلص منها لينفرد بعباءة خاصة تتواكب والعصر ومعطياته أم ينبغي عليه محاكاة نفسه أو مجاراة غيره وهل يستطيع ذلك خاصة وأن المشكلة العربية ما زالت تتمحور في دائرة ضرورة التوارث بكل الأمور لدرجة إننا نجد صراعا يصل إلى الخلاف فيؤدي بهجرة الأولاد لمنازلهم علماً بأن عملية التواصل الفكري والنفسي تحكمها جينات خاصة تنقل بعض الميول من الكبير إلى الصغير أو إنها في بعض الأحيان ترسم صورة فوتغرافية طبق الأصل وهذا عائد إلى عدة مكونات يحكمها قانون خاص ... ولهذا ينبغي الإلتفات إلى أمر هام وهو إننا في زمن تحرر الفكر من التبعية والإنقياد إلى السلطة العليا وبالتالي فأدوات العصر تفرض أوضاعاً وأحكاماً كانت في الماضي من الأمور المحظورة لكونها مخلة بالآداب العامة أو لتعارضها مع الرؤية العامة للمجتمع خاصة وإن صراع الأجيال صراع قديم أزلي الحركة والنشأة ... لإختلاف النظرة والمنهج والمفهوم الذاتي الذي يتكون ويتغير مع تبدل الأيام والزمن وقوانينه والتي لا بد من الإنصياع إليها والقبول بها حرصا على تلافي كل خلاف بين الأجيال مع ضرورة الإيمان بأن ما يتم رفضه الآن سيتم قبوله في الغد ... أي المستقبل لأننا نعيش معتقدات وأفكار كانت بالأمس بعيدة ومرفوضة وأصبحت حاليا منهجاً ومنطلقاً في الحياة ... وقد تكون هذه المعتقدات آلة هدم وانزلاق ولكنها تعشعشت في جدار الزمن وأصبح الإنفكاك منها أمر صعب المنال والأسباب عديدة ولن ادخل في سياقها لتشعبها ولكن ما أود الإشارة إليه في هذا الصدد هو كيفية التوافق بين فكر عاش في زمن معين وحمل منه كافة مفاهيمه وبين زمن وجيل يحاول أن يكون هو في مفهوم عصره وبالتالي تجنب الصراع المستمر الذي لن ينتهي ولكن يمكن التخفيف من حدته وقوته وهذا يتطلب من الآباء قدر كبير و كافي من الوعي والإيمان بحق كل فرد بأن يعمل وفق أهوائه الخاصة بشرط موافقتها للأخلاق وللمبادئ العامة كخطوط عريضة للصراع الذي يحق فيها للأسرة بأن تلزم أولادها بضرورة ارتداء العباءة ... صراع لا يمكن التخفيف منه إلا إذا ادرك كل واحد فينا بأن المرء قد خلق ليعيش في هذه الدنيا بفكره وعقله وليس بفكر غيره بالرغم من إننا نزرع في أطفالنا خلاصة تجاربنا الفكرية كأساس في حياتهم ولكن لا بد لهؤلاء الصغار من أن يشبوا عن الطوق وتتبلور أفكارهم بعيداً عن أسرهم وفق استعدادهم الشخصي ووفق إدراكهم لمناحي الحياة التي تشكلت من خلال المدرسة والأصدقاء والتلفاز وغيرها من الرياح التي تهب عليهم في حياتهم فتؤدي إلى بلورة وتكوين الشخصية المنفردة تلك التي قد تختلف عن أسرتها أو تتشابه أو تتعارض بشكل كلي لتبدأ رحلة الصراع ... ومهما كان العلم والبحث والدراسة واسعا في هذا المنحى فلا يمكنني إلا القول بأن النبتة الصالحة تورد زرعا صالحا وإن اختلفت الألوان فهذه سنة الحياة ومنطق الدنيا ... فلا يمكن أن نطالب بالتشابه كأعمدة بناء للحياة لأن التطابق والتكامل القويم هما غاية وأساس الحياة ... لذلك ينبغي أن نفتح نوافذنا لكافة الرياح الثقافية لنستنشق عبق الفكر السليم ولنحيا بحياة هي لنا في كل تطور بها ... صباح الفكر السليم ... صباح الخير ...