الصحابي جليبيب - د. صالح العطوان الحيالي
--------------------------------------
يقول الرسول (ص) بحق الصحابي جليبيب " انت مني وانا منك " (جليبيب) أحد المساكين من الصحابة الكرام، ليست له أسرة معروفة، ليس عنده مال، ولا منصب، ولا شيء. يذهب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ثيابه الممزقة، بطنه جائع، ووجهه شاحب، وأعضاؤه هزيلة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا جليبيب، ألا تتزوج؟)) قال: يا رسول الله، غفر الله لك، ومن يزوجني؟ ثم يلقاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ثانية، فيقول له: ((يا جليبيب، ألا تتزوج؟)) فيقول: يا رسول الله، ومن يزوجني، لا مال ولا جمال. لأن كثيراً من الناس، لا يزوج إلا على الدراهم والدنانير، ويلتقى النبي - صلى الله عليه وسلم - جليبيباً مرة ثالثة، فيقول: ((يا جليبيب، ألا تتزوج؟)) فيقول: يا رسول الله ومن يزوجني، لا مال ولا جمال، فيقول - صلى الله عليه وسلم - له: ((اذهب إلى ذلك البيت من الأنصار، وقل لهم: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبلغكم السلام، ويقول: زوجوني ابنتكم)). هذا مرسومٌ من كلام محمد عليه الصلاة والسلام، فذهب جليبيب، فطرق الباب، قال أهل البيت: مَنْ؟ قال: جليبيب، قالوا: ما لنا ولك يا جليبيب، فخرج صاحب البيت قال: ماذا تريد؟ قال: الرسول - صلى الله عليه وسلم - يبلغكم السلام، فارتج البيت فرحاً، ثم قال: ويأمركم أن تزوجوني ابنتكم. فقال الرجل: أشاور أمها، فشاورها فقالت: لا لعمر الله، لا نزوجه، فسمعت البنت العابدة الناصحة الصالحة، فقالت: أتردَّان على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره، ادفعوني إليه؛ فإنه لن يضيعني، فانطلق أبوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال: ((شأنك بها))، فزوجها جليبيباً وفي إحدى الغزوات، وقد أفاء الله على نبيه فيها، فقال لأصحابه: ((هل تفقدون من أحد؟)) قالوا: نعم؛ فلاناً، وفلاناً، وفلاناً. ثم قال: ((هل تفقدون من أحد؟)). قالوا: نعم؛ فلاناً، وفلاناً، وفلاناً. ثم قال: ((هل تفقدون من أحد؟)) قالوا: لا، قال: ((لكني أفقد جليبيباً، فاطلبوه))؛ فطُلب في القتلى، فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم، ثم قتلوه، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقف عليه، فقال: ((قتل سبعة ثم قتلوه، هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه)). فوضعه على ساعديه، ليس له إلا ساعدا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فحُفر له، ووضع في قبره وفي المسند أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا لزوجته، فقال: ((اللهم صبَّ عليها الخير صبّاً، ولا تجعل عيشها كدّاً كدّاً)). قال ثابت: فما كان في الأنصار أيم أنفق منها !! هذا هو جليبيب الصحابي الفقير، يقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أنت مني وأنا منك!!)).