الاسلام و دوره في نشر العلم - د. صالح العطوان الحيالي
--------------------------------------------------
العلم هو أعظم ما قدمته الحضارة الاسلامية إلى العالم ... فضل الحضارة الاسلامية على أوربا: (( لولا المسلمون ما عرفت أوربا النظام)) وضع المسلمون العرب في أوربا قواعد للإدارة الحديثة قائمة على المساواة بين المواطنين، وتقدير العامل في الدولة على أساس كفاءته وإنتاجه، مهما كان أصله أو وضعه الاجتماعي، وعلى ضوء الشريعة السمحاء حطموا الطبقية والعنصرية، وكانت إدارتهم تجمع بين أبناء العرب الأصليين وبين الصقلبي ( أي الروس أو مواطني أوربا الشرقية ) والإسباني والبرتغالي والرومي على السواء في خدمة الشعب تحت راية الإسلام تحقيقا للعدل الشامل.)) من كتاب " أثر العلماء المسلمين في الحضارة الأوربية ،وإذا كان قد ألمحنا إلى تأثير الحضارة الإسلامية وفضل العرب صُنَّاع هذه الحضارة فى الشرق، فإن فضل الحضارة الإسلامية على الغرب أكبر أثرًا وأشد نصوعً، ذلك أن الحضارة الإسلامية قد أثرت فى العقلية الغريبة بدايةً، وأسهمت الثقافة الإسلامية فى إعادة تشكيلها بعد أن مُنِيَتْ بالجمود والتخلف قرونا عديدة، لم تصحُ ولم تستيقظْ إلا على أيدي الفكر الإسلامي الذي نشره العلماء المسلمون والمفكرون المسلمون فى أوربا.وإذا كان الشائع أن بيكون هو مؤسس المنهج العلمي الحديث فقد آن الأوان أن يُصَحَّح هذا الرأي، وأن يُعزَى الفضلُ إلى أهله،، وقد فَطِن إلى ذلك عدد من العلماء الأوربيين المحدثين ومنهم جوستاف لوبون صاحب كتاب " حضارة العرب " الذى يقول: "لم يلبث العرب بعد أن كانوا تلاميذ معتمدين على كتب اليونان، إذ أدركوا أن التجربة والترصد خير من ألف كتاب ". ويضيف: ويعزى إلى "بيكون " على العموم أنه أول من أقام التجربة والترصد اللذين هما ركن المناهج العلمية الحديثة، ولكنه يجب أن يُعترَف اليوم بأن ذلك كله من عمل العرب وحدهم، وقد أيَّد هذا الرأي جميع العلماء، الذين درسوا مؤلفات العرب. ويقول "سيديو": ان أهم ما اتصفت به مدرسة بغداد فى البداءة هو روحها العلمية الصحيحة التى كانت سائدة لأعماله، وكان استخراج المجهول من المعلوم، والتدقيق فى الحوادث مؤديا إلى استنباط العلل من المعلولات وعدم التسليم بما لا يثبت بغير التجربة، مباديء قال بها أساتذة من العرب، وكان العرب فى القرن التاسع من الميلاد حائزين لهذا المنهاج المجدي الذى استعان به علماء القرون الحديثة بعد زمن طويل للوصول إلى أروع الاكتشافات. أسهمت الحضارة الإسلامية إذن فى تشكيل العقلية الأوربية التي أقامت النهضة الأوربية، ولولا ذلك الدور المهم لعلماء الإسلام لتأخر قيام النهضة الأوربية لعدة قرون، ولما قامت الاكتشافات العلمية التي عرفتها أوربا مطلع العصر الحديث. والقضية المهمة التى يجب الالتفات إليها هى أنه فى عصر الازدهار الإسلامي والرقي العلمى والفكرى الذي حققه العرب. كانت أوربا تعيش عصور الظلام والتخلف والضعف والركود العقلي والروحي، وكان لسيطرة الكنيسة على الحياة العامة أثره فى ذلك الركود والتخلف، كما كان للصراع بين الكنيسة والإمبراطورية بالإضافة إلى التنافس على السلطة والنفوذ أكبر الأثر فيما وصل إليه المجتمع الأوربي من ضعف وتفكك. ومن هنا كان المجتمع الأوربي متعطشا للنهضة الفكرية، والانفتاح على روافد جديدة للحضارة والتقدم، وكان في العلم والفن الإسلامي، وفي العربية والترجمات، وانتقال المعرفة الضالة المنشودة لذلك المجتمع... (( يقول برينولت في كتابه ( تكوين الإنسانية ): " العلم هو أعظم ما قدمته الحضارة العربية إلى العالم الحديث عامة. والجدير بالذكر أنه لا توجد ناحية من نواحي النمو الحضاري إلا ويظهر للإنسان أثر الحضارة والثقافة العربية، وإن أعظم مؤثر هو الدين الإسلامي الذي كان المحرك للتطبيق العملي على الحياة، وإن الادعاء بأن أوربا هي التي اكتشفت المنهج التجريبي ادعاء باطل وخالٍ من الصحة جملة وتفصيلا فالفكر الإسلامي هو الذي قال: انظر وفكر، واعمل، وجرِّبْ حتى تصل إلى اليقين العلمي " )) من كتاب لمحات من الحضارة العربية والإسلامية ويعتقد الدكتور " سارتون" أن المسلمين كانوا أعظم معلمين في العالم، وأنهم زادوا على العلوم التي أخذوه، وأنهم لم يكتفوا بذلك، بل أوصلوها إلى درجة جديرة بالاعتبار من حيث النمو والارتقاء.. ويقول نيكلسون: " والمكتشفات اليوم لا تحسب شيئاً مذكوراً إزاء ما نحن مدينون به للرواد العرب الذين كانوا مشعلاً وضاءً في القرون الوسطى ولا سيما في أوروبا.." ويقول دي فو: " إن الميراث الذي تركه اليونان لم يحسن الرومان القيام به، أما العرب فقد أتقنوه، وعملوا على تحسينه وإنمائه حتى سلموه إلى العصور الحديثة.. ".. ويقول سيديو: " كان المسلمون في القرون الوسطى منفردين في العلم والفلسفة والفنون، وقد نشروهما أينما حلَّتْ أقدامهم، وتسربت منهم إلى أوروب، فكانوا هم سبباً في نهضتها وارتقائها ".. كما يذهب إلى أن المسلمين هم في واقع الامر أساتذة أوروبا في جميع فروع المعرفة.. وأخيراً نقول. كما قال السيد أمير علي: " وإن نجد المسيو سيديو، لا يعدو الواقع في قوله: إن الكنوز الأدبية العظيمة التي أوجدها العرب في ذلك العصر، ونتاج نبوغهم العلمي، واختراعاتهم الثمينة تنهض دليلاً على نشاطهم الفكري، وتؤيد الرأي القائل: بأن العرب هم أساتذتنا في كل شئ، إذ أنهم زودونا بمواد جليلة القيمة في تاريخ العصور الوسطى، وبأسفار مجيدة في التراجم، وتركوا لنا صناعة لا مثيل لها، وفناً معمارياً آية في الروعة والجمال، واكتشافات مهمة في الفنون والصناعات ".. وكما قال جميع العلماء السابقين فإننا نزيد عليهم أنه ما من أمة تستطيع أن تنجح في كل هذه المجالات دفعة واحدة دون أن تكون مصحوبة بإدارة قوية وحكيمة تستطيع أن تسير بالبلاد من نجاح إلى آخر...