إني انتظرك - حسين علي يوسف عبيدات
-----------------------------------
بسمة الصباح ... صباح الخير ... في مدينة ما وعلى رابية من روابيها جلست تنظر إلى الشمس وعلى ثغرها إبتسامة ألم ... جلست تنتظر صورة تخرج من عنان السماء وكبد الشمس ...كانت قد إيقنت بإنها ستأتي لتقبلها قبلة الصباح وستحتضن منها كل الذكريات ... أفراح وأتراح ... آمال وأحلام ... هواجس وفزع ... وأمن وسلام ... هكذا أخبروها فخرجت تنظر وترتقب الصورة في كل يوم تبزغ فيها الشمس على الدنيا بخيوطها الذهبية ... من هذه الأشعة ستلتحف صورة وطيف زوجها وسيكون اللقاء بهمس الدمع وجمال الماضي شاهدا على خلود الحياة ... فجلست بوشاحها وثوبها الأبيض الخلاب وكأنها قطعة ثلج تنتظر لسعة دفء تفكك خلاياها وتحقن شراينها بلقاء يبث الدم فتنتعش الدنيا من جديد في عينيها المحملتين بالدمع ... جلست بثوب ناصع البياض كانت قد ارتدته في زفافها لترتدي بعده سواد الموت ... جلست وعيونها تسافر ... تلاحق كل وهج وخيط تفرزه الشمس علها ترى حبيبها فيحضنان البساط الأخضر السندسي الذي يتراقص مع نسيمات الهواء العليل فيدق على شفاه كانت قد جفت من قلة ينابيع الحنان ... فحبيبها مات وماتت الدنيا في قلبها حتى قالوا لها بأن الشهيد حي عند ربه وفي جنة الخلد يسكن بالفرح ... وبالفرح سيأتي من الشمس ليحضن أحبته فاخرجي إليه في كل طلعة شمس وانظريه واطربي بالماضي والحاضر ... فالشهيد عند ربه مرزوق بالدنيا وبالآخرة فاخرجي إليه فإنت زوج الشهيد وأم الدنيا فدمعك طلقات رصاص نحملها فنموت ليحيا الوطن ... اخرجي لتشاهدي نسوة واطفالاً غطوا كل العشب ليروا صوراً في الشمس تقول أنا اليوم احمل صور أردنية وغداُ قد أحمل صورا أخرى عربية ... صباح الوطن الجميل ... صباح الخير ...