في بيتنا نيرون - حسين علي يوسف عبيدات
--------------------------------------
بسمة الصباح ... صباح الخير ... في بيتنا نيرون ... للمرة الألف أعود فأقرأ محاكمة نيرون ... تلك المحاكمة التي شيدها الزمن على مراحل عدة من رجال فكر وأدب وغيرهم ممن أرادوا شهرة فنصبوا المشانق وأصدروا أحكامهم العشوائية الظالمة ... والغريب في تلك المحاكمة بأن جميع من اعتلى منصة الحكم كان بعيدا عن سلك القضاء والأغرب من ذلك بأنهم وبالرغم من اختلاف هوياتهم أجمعوا على الإدانة وأي إدانة وهي تتناول الحدث من ظاهره دون الولوج إلى الدوافع ... وطبعا قد يسأل سائل عن سبب القراءة المتكررة لتلك الجريمة النكراء فأقول : في كل مرة أعود إلى قصة نيرون أجد جديدا وأرى حوارا داخليا ينبعث من فكري وأجزم بأن نيرون ما زال في عالمنا وما زلنا نعيش الخطأ الفكري وقد يكون للوارثة دورا في ذلك ... وقد يعود السائل ليقول وأين الجديد والخطأ والوراثة في هذا ...؟ وأين هو نيرون ...؟ ومن هم القضاة الذين يعتلون منصة الحكم وهم بعيدون عن العلم ...؟ وما علا قة نيرون بواقعنا ...؟ سؤال فقير في عقله ... غبي في مسلكه ... ألم ترى صورة نيرون في نفسك ...؟ قد يكون لحاكم روما دوافع شريفة في حرق بلده ولكن ما هي دوافعك وأنت تحرق في كل شيء ...؟ والخطأ الذي نتوارثه أيها السائل الهمام بأننا نأخذ الحدث كما هو ونكتب فبه وبه دون التعمق بظروفه ودوافعه ... نكتب احتمالات وجوده من فكر متخبط فنبتعد عن الحقيقة ونزيد من النار اشتعالاً ... أما بالنسبة للقضاة فهم أنا وأنت وكل الطبقات الإجتماعية التي تعتلي منصة الحكم لإطلاق أحكاما عشوائية دون سابق معرفة ودراية فكل اهتمامها ينصب على ثرثرة فوق الماء أو على ضفاف النهر كالببغاء الذي يردد عشوائيات الحروف لخلق ضجيج الفوضى أما عن العلاقة فهي تتجلى في المشهد الدرامي الذي نعيشه من مهاترات الفكر والدمار في كل شيء فالحاكم نيرون احرق روما لأنه مجنون أو لأنه أراد حرق الفساد فحرق البناء ليعيدها من جديد وفق رؤيته والآن لننظر إلى صورة الفرد وصورة المجتمع ولنقارن بشيء من التفكر فسنجد بأن السيناريو واحد ولكنه بحروف جديدة تنطق بنفس الأسلوب والفكر والتخبط ... أليس هذا صحيحا أيها السائل الفقير ...؟ صباح الفكر الراقي ... صباح الحير ...