بسمة الصباح ... صباح الخير ... أنا والشيطان ... (تعلم النفس إني لا أصادقها ... ولست أرشد إلا حين اعصيها )... قول لعلي أبن أبي طالب كرم الله وجهه. قدحسم فيه جدلا وبحثا كبيرا يصلح لكافة الأزمان ويغطي أبحاثا ودراسات بدأت منذ ابقراط وغيره من فلاسفة اليونان وكل دراسة كانت تتمحور حول معنى الشيطان والنفس وقوامها وتعريفها وضوابطها وحركتها وهي بحوث معقدة لأنها تتناول خفايا الروح التي تحرك النفس أو العكس فالنفس هي التي تتحكم بالروح ومهما كان من ذلك فإن النفس بكل أشكالها هي التي ترسم معالم الشخصية الإنسانية وهي أخطر من الشيطان أو هي الشيطان ذاته ... ويمكن أن نشبه النفس البشرية بالمحرك أو المستودع الذي يضم في طياته كل لواعج ومشاعر ورغبات النفس من خير وشر ... من طموح وجنوح وهوس يقتل قوى العقل فتجنح إلى الرذيلة أو تكبت وتجلد من سياط الفكر والعقل فتلتزم الخير ... ولهذه العلاقة عوامل عدة تعود إلى البيئة وثقافتها وبالتالي يمكن أن نقسم النفس البشرية إلى نوعين نفس مكتسبة ونفس بالفطرة والكل فيها متحد وفطرة النفس بدأت وولدت مع ولادة الخير التي استحوذت على النفس ولكنها قد تحولت إلى مكامن الشر بفعل التنشئة والظروف وطبعا الأمر نسبي لأن نسب الخير والشر الموجودة في داخل كل فرد وتختلف من شخص لآخر وبالتالي فالسلوك الآدمي هو الذي يحدد هوية النفس ... ومع هذا كله فالشيطان يوسوس للشخص بكل الوسائل التي تحبها النفس البشرية ليحقق هواها وأحلامها بتمهيد السبل المريحة والمفرحة للشهوات الآنية ويقال بأن النفس هي آخر من آمنت بالخالق وكانت تحت ضغط وإكراه ... وطبعا هذا القول لا أملك فيه دليلا سوى منطق ينبغي الإيمان به أو تجاوزه من باب حسم أمر لا يؤثر فيه على مسالك الطرق ... وبما إن الدراسات العلمية لم تحقق حسما كاملا في معنى وتعريف النفس لقصور في العقل البشري أو لعدم قدرة مخلوق على اقتحام مخلوق مثله لذلك كان لا بد من الوقوف أمام القرآن الكريم ووضع فواصل الحسم والصمت والإيمان أمام كلام خالق النفس ... الذي أشار إلى أنواع أربع وهي النفس المطمئنة والنفس اللوامة والنفس الأمارة بالسوء وطبعا فالنفس المطمئنة هي النفس التقية والنقية والصافية والتي اندرجت حبا في الخالق أما اللوامة وتأتي بالدرجة الثانية وهي التي تميل إلى الهوى والشهوات ولكنها وبفعل من التقوى وخوفا من الله ولسيطرة العقل نجدها تميل إلى لوم نفسها فتعود إلى التوبة والخير والأخيرة وهي الأمارة بالسوء فهي التي تدفع بصاحبها إلى التهلكة دون رادع أو خوف من عقاب وهي نفس امتلأت بالشرور وغطت على كل بوادر الخير التي فطرت عليها بفعل الظروف الخارجية لنشأتها ... وكل نوع من تلك الأنفس نجد فيها صرخة وحركة الشيطان وقد تكون صرخة ضعيفة وقوية ... أو خافتة هشة أوقوية صادمة حسب نوع النفس التي أشار إليها الله تعالى في كتابه العزيز وعلى كل حال لا بد وأن أشير بأن النفس هي آلية الشخص التي تحدد معالمه وتكون شخصيته فإما شخصية إيجابية أو سلبية ولكل نوع منهما أثاره على المجتمع وبالعودة إلى الصور القرآنية فسنرى المعنى الحقيقي للنفس وأثارها ... ( ويسألون عن النبأ العظيم ) ... ( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) صدق الله العظيم فلنبتعد عن شيطان هوى النفس ولنحاربها بالخصام الدائم حتى يهل الخير على أمتنا ... صباح النفس المطمئنة ... صباح الخير ... بقلمي : حسين علي يوسف عبيدات.