العودة الى الوطن """""""""""""" بعد غد السبت ٢٠١٦/٨/٢٧ يسدل الستار على ثمانية وعشرين عاما وخمسة اشهر واثنين وثلاثين يوما من الغربة والبعد عن الوطن .. سنوات طوال مرت اتت على زهرة الشباب وريْعانه .. اكلت الاخضر واليابس .. لا يعرف قيمة الوطن الا من تغرَّب عنه وفارقه .. لايعرف قيمة الوطن الا من افتقد حنان ترابه ورائحة طينه العطرة ونسمة العصاري في الصيف وبرد الشتاء في طوبة .. وانا حرمت من تراب بلدي ما يزيد على ثمانية وعشرين عاما .. حرمت من حر صيفه وبرد شتائه .. فقد وطأت اقدامي ارض هذا البلد وعمري ثلاثون عاما وهأنذا اغادره وانا على اعتاب الستين الا قليلا .. كيف مرت الثمانية والعشرون عاما .. لست ادري .. كيف انقضت واعطتني ظهرها .. لست ادري .. ايام حلوها اشبه بمرها ومرها علقم تظل مرارته دائما في الحلق مهما حاولت ابتلاعه الا انه مر متجدد يجدد نفسه بنفسه والغريب في الامر اننا استطعمنا مرارته والاغرب أننا اعتدنا هذه المرارة فلم تعد تزعجنا وقد يكون الاصح اننا فقدنا حاسة التذوق فلم نعد نميز بين الحلو والمر بل لم نعد نعرف الفرق بينهما .. ففي الغربة تتحول الى آلة بل الى ترس كبير يعمل بصورة آلية ضمن مجموعة تروس اخرى لتظل تدور وتدور يوم يجر يوما وسنة تجرُّ سنة إلى أن يهرب العمر تحت عينك وبصرك ولكنك لاترى ولا تبصر حتى تأتي لحظة الحقيقة التي لابد وان تأتي يوما ما فينتابك نفس الاحساس بالغربة وانت عائد الى وطنك الى بلدك .. نفس الاحساس الذي احسسته عندما غادرته في رحلة الغربة الطويلة فلا الاهل الذين تركتهم ظلوا ولا الصغير الذي تركته ظل صغيرا ولا الاصدقاء بقوا .. كل شئ قد تغير .. ولكن لابد للغائب ان يعود .. ولابد للطائر ان يحط على الارض .. فلا طائر يموت في السماء .. والارض الواسعة هي السماء والوطن هو الارض .. والارض الواسعة هي البحور والوطن هو المرسى وهانذا اهبط اخيرا على الارض .. وهانذا اعود اخيرا الى المرسى الذي غادرته منذ ثمانية وعشرين عاما ونيف .. فادعوا لي أن اصل الي وطني بالسلامة فليس اجمل من تعيش في بلدك وان تموت في ترابها . ن.ر