...و يكبر المحال
-----------------------
أتعلمينَ ما الذِي يُوَرِّدُ الفصُولْ و ما الذِي يُضَمِّخُ البريق في البِحَارْ و ما الذِِي يَضوعُ منْ مَوَاسِمَ الكَلامْ و ما الذِي يُرَتِّقُ الجِراحَ فيِ المحَارْ و ما الذِي يُعـَتِّقُ السُّلافـَةَ الحَرامْ جُنـُونُنَا اللَّذِيذْ يَقِينُنَا الذّبِيحُ فِي مَعـابِـدِ الظُّنـُونْ و أَلْفُ ألْفُ مَوْتـَةٍ يَرُجُّهَا احْتِضَارْ و بَعْضُ بعضُ شَـوْقِنـَا لرِحْلَةِ الغَرامْ أتعْلَمِينَ كيْفَ صِرْنا نَطْلُبُ الُمحَالْ و نَسْأَلُ الضِّياءَ أنْ يُعاشِرُ الظَّلامْ وَ تَسْتَحِي النِّساءُ مِنْ بُرودَةِ الرِّجالْ وَ يَخَجْلُ الصِّغارُ مِنْ تَفَاهَةِ الكِبارْ يُحَدّقُ الجَرادُ في شَرانِقِ الغُصونْ و اللّيْلُ بِالمعَاوِلِ يُمَزِّقُ النـَّهَارْ وَ يَنْثُرُ الرَّمادَ في مَحَاجرِ العيُونْ رَبِيعُنَا حُطامْ .. وَ عُمْرُنا رُكَامْ جَنُوبُنَا مُمَزَّقٌ يَرُجُّهُ السُّؤالْ إلَى مَتَى يُعَرْبِدُ الجنُونُ وَ الضَّلالْ بِكَوْنِنــَا الغـَرِيبْ ..؟ وَ تنْبُتُ الجِرَاحُ منْ مَواكِبُ الظنُونْ إلىَ مَتى السُّكُونْ ..؟ تُؤَجَّلُ المَوَاسِمُ العِذابُ و السَّلامْ وَ شَرْقُنـَا كغَرْبِنَا ..جَنوبُنا شَمالْ إلى متى تخيِّمُ الجَحَافِلُ الغِضابْ ؟ وَ يَكْـبُرُ الهـَوَانْ بِعُمْرِنا الحَزينْ ..؟ و َيَهْرَمُ الأَطْفالُ قَبْلَ موْسِمِ الفِطـَامْ وَ يَكْبرُ المُحالْ ..؟ أتعلمينَ أَنَّنَا نُبَاعُ في المَزادْ و أَنَّهُمْ سَـبَوْكِ لِلْضّياعِ وَ الفَـسَادْ رُعَاتُنَا .. حُماتُنا قَدْ أَخَلَفُوا العُهُودْ و بِيـعَ لِلْغَريب تِبْر أرْضِنا الحَلالْ و أُعْدِمَ الشهُودْ و أرْضُنَا جَريحَةُ نَزِيفُها رُعودْ و جُرْحهَا حِكايَةٌ تَـقُصُّها الجِبالْ تُشَيِّبُ الرَّضِيعْ وَ زرْعُـهَا مَواجِعٌ وَ وَجْـهُـهَـا يبَابْ حـَتّـامَ صَمْتُنـَا البَغِيضُ ينْـحَرُ الرِّجالْ أتَعْلَمِينَ مَعْنَى أنْ نَعِيشَ مُعْدَمينْ وَ نَلبْسَ الشـّقـَاءَ فِي عبَاءَةِ الوجُودْ و أرْضُنا سَبِيَّةٌ وَ عُمْرُنَا سَرابْ و مَعْنَى أنْ نُـسَاقَ كَالعَبِيدِ لِلـْعـَذَابْ و معْنَى خَوْفِـنَا البَغِيضِ فِي لَظَـى خَرابْ و معْنى أَنْ نَضِيعَ في غَمَامَةَ الضَّبَابْ كَأنَّنَا نَعِيـشُ كَيْ نَمُوتَ مَرتّيْنْ و مَوْتُنَا تَـقُـولُهُ الدُّمُوعُ وَ الدّمَارْ يا أيُّهَا الخَرِيفْ.. أَكلّما نطقتَ تَصْفَعُ الحُـقُولَ وَ الشّجرْ و تذْبَحُ الغُصُونَ ، وَ الوُرُودَ وَ الزّهرْ و تَشْرَبُ الرَّحِيقَ مِنْ عُصَارَةِ الَمَطرْ و تُغـْرِقُ الضَّرِيرَ مِنّـَا تَدْهَسُ الضَّعِيفْ أَهَذِهِ حَيَاتُنَا أمْ نَحْنُ في ضَيَاعْ أهَذا حُلْمُنَا الذِّي مِنْ أَجْلهِ نُبَاعْ رَبِيعُنَا مُؤَجَّلٌ رَبِيعُنَا دُمُوعْ و أَرْضُنَا سَبِيَّةٌ قَدْ رَجَّهَا الكَدَرْ يَا أَيُّهَا القَدَرْ .. إِلَمَ تَكبر الجِراحُ يَأْفَلُ القَمرْ .؟ هلْ نَحْنُ يَا تُرَى حَقِيقَةً بَشَرْ .؟ و َعُمْرُنَا مُمَزَّقٌ نَراهُ يُحْتضَرْ إِذَا بَسَمْـنَا أَوْ ضَحِكْنَا نَذْرِفُ الدُّمُوعْ و كلَّمَا توَرَّدَ الجَبِينُ بِالضِّيَاءْ تُعِيدُنَا النِّهَايَةُ العرْجَاءُ لٍلْرُجُوعْ لِحُزْنِنا .. لمَوْتِنَا .. لِلَحْظَةِ الشَّقَاءْ هـَلْ حُلْمُـنَا الجَمِيلُ يَـا تُرَى يعُودْ ؟ لنَرْسُمَ الرَّبِيعَ في المآقِي وَ العُيونْ وَ بَعْثَرَتْ أَحْلامَنَا الرِيّاحُ و الصَّقِيعْ وَعَـرْبَدَتْ بِعُمْرِنَا مَواسِمُ الفَنَاءْ ..؟؟ أتعْلَمِينَ أَنَّّـنَا نَذُوبَ في اشْتِياقْْ .؟ لِلَحْظَةٍ تُعِيدُنَا إلَى ذُرَى الخُلُودْ لقَاؤُنَا حِكايَةٌ عُنـْوانُها الفِرَاقْ أبْطالـُهَا حَيَاتُهُمْ تَذُوبُ في احْتِرَاقْ كَشَمْعَةٍ تُعَانِقُ الهَواءَ في سُجودْ يمْتَصُّها ..يَفْتَضُّهَا وَ يُمـْعِنُ العِنَاقْ كأنّني أَرَى هُـنَا مَوَاكِبَ الرَّّحِيلْ و أَسْـمَعُ النَّحِيبَ وَ البُكـَاءَ وَ العَوِيلْ كأنّنِي أَرَى الدُّمُوعَ تَهْمِي في التِيَاعْ و َوَجْهُ أُمِّي في الظَّلامِ يَشْرَبُ الدُّمُوعْ قَدْ لَوَّحَتْ بِشـَالِهَا ..بِكَفِّها العَلِيلْ و صَوْتُهَا المُـعَذَّبُ يَلُوذُ بالشِّراعْ و يَقْتَفِي مُحَشْرِجًا ذُبـَالَةَ الشُّمُـوعْ يُقَـبِّلُ المَحـَارَ فِي عَبَاءَةِ القلوع و البَحْرُ فِي تَثاُبٍ يَمُدُّ نَاظِريْهِ و اللّيْلُ قَدْ جَثَا هُنَا وَ أطْبَقَ الضُّلُوعْ أمّاهُ .. قَدْ أَسْرَجْتُ نَاظِرَيِّ للوَدَاعْ مِنْ نَاظِرَيْكِ أَسْتَـطِيبُ سَكَّرَ الرُّجُوعْ أمّاهُ حَالَ بَيْنَنَـا مَوْجُ الأَسَى العَنِيدْ وَ هَا أنَا هُنَا كالطِّفْلِ تائِهًا شَرِيدْ يُتْمِي بِأنِّي لَمْ أَذُقْ حَلاوَةَ اللِـّقَاءْ و لمْ أُعَمِّدْ نَاظِرَيَّ مِنْكِ بالعِنَاقْ أمّاهُ قَلْبِي شَابَ هَلْ تُرَى نَعُودْ و هلْ لِوَجْهِي أَنْ يَعُبَّ مِنْ شَذَا الرَّحِيقْ أمّاهُ لَيْتَنِي أَكُونُ رِيشَةً تَطِيرْ كيْ ألْثِمَ الجَبينَ ، أَنْثُرُ العَقِيقْ منْ وَجْنَتَيْكِ في الَمدَى أُعَطِّرُ الطَّريقْ أمّاهُ حَالَ بَيْنَنَا الزِّحَامُ وَ الخُطوبْ وَ خَافِقِي أَدْمـَاهُ شَوْقي إنَّنِي غَرِيقْ و زَوْرَقِي الضَّرِيرُ تَاهَ في دُجَى القُلُوعْ و الحُلْمُ شَاخَ وَ الضَّنَى يُفَتِّتُ الضُّلُوعْ القَطْرُ شَحَّ في رُبانَا وَ النَـّدَى غَرِيبْ و الزَّهْرُ شاخَ أَذْبلَتْهُ دَمَعَةُ الحَبِيبْ و أنتِ تَسْرُجِينَ مِنْ دَمِي مَوَاكِبَ النَّحِيبْ هُنَا الْتَقَيْنَا وَ الشَّذَا يُضَمِّخُ اللـُّحُودْ و نَجْمَةُ الصَّبَاحِ قَدْ جَثَتْ عَلَى رُبَى الخُدُودْ وحُلْمُنَا الذِي ارْتَكَبْنَا هَلْ تُرَى يَؤُوبْ ؟ مُكَفَّنٌ بِمَوْتـِهِ و مَوْتـُهُ قَرِيبْ و قَبْرُهُ بِظُلْمَةِ العـَوِيلِ وَ النَّحِيبْ يُرتِّل المَواجِعَ التِي تشَيِبُ الغَرِيبْ و َتَنْحَرُ القُلـُوبْ أَحُلْمُنا يَمُوتُ يَسْتَبِيحُهُ الغُرُوبْ ؟ فُـؤَادُهُ الذِي ينِزُّ مِنْ دِمَا يلوّن الوَرِيـدْ يضَمِّخُ الدُّرُوبْ أتَعْلَمِينَ أَيَّ شَيْءٍ يَمْنَحُ الخُلُودْ ..؟ يَقِينُنَا بِأنَّنَا نَمُوتُ في سُجودْ لِلَحْظَةٍ تُعِيدُنَا إِلَى ذُرَى الشُّرُودْ إلَى ضَيَاعِنَا وَ شَوْقِنـَا إلَى الفَنَا الفَرِيدْ...
من ديواني الثالث ( أشرعة في وجه الرّيح ) ..